فصل: تفسير الآيات (3- 5):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نيل المرام من تفسير آيات الأحكام



.سورة المزمل:

تسع عشرة أو عشرون آية.
وهي مكيّة، قال الماوردي: كلها، في قول الحسن وعكرمة وجابر.
قال: وقال ابن عباس وقتادة: إلا آيتين منها {وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ} والتي تليها [المزمل: 10- 11].

.تفسير الآيات (2- 4):

الآيات الأولى والثانية والثالثة:
{قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)}.
{قُمِ اللَّيْلَ}: أي قم للصلاة في الليل. واختلف هل كان هذا القيام الذي أمر به فرضا عليه أو نفلا؟.
وقوله: {إِلَّا قَلِيلًا (2)}: استثناء من الليل، أي صل الليلة كلها إلا يسيرا منها.
والقيام من الشيء: هو ما دون النصف، وقيل: ما دون السدس، وقيل: ما دون العشر.
وقال مقاتل والكلبي: المراد بالقليل هنا الثلث. وقد أغنانا عن هذا الاختلاف قوله: {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ}، أي من النصف.
{قَلِيلًا (3)}: إلى الثلث.
{أَوْ زِدْ عَلَيْهِ}، قليلا إلى الثلثين. فكأنه قال: قم ثلثي الليل أو نصفه أو ثلثه.
وقيل: إن نصفه بدل من قوله: {قَلِيلًا (2)}: فيكون المعنى قم الليل إلا نصفه أو أقل من نصفه أو أكثر من نصفه.
قال الأخفش: نصفه أي أو نصفه كما يقال أعطه درهما درهمين ثلاثة يريد أو درهمين أو ثلاثة.
قال الواحدي: قال المفسرون: أو انقص من النصف قليلا إلى الثلث، أو زد على النصف إلى الثلثين. جعل له سعة في مدة قيامه في الليل وخيره في هذه الساعات للقيام، فكان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وطائفه معه يقومون على هذه المقادير، وشق ذلك عليهم، فكان الرجل لا يدري كم صلى أو كم بقي من الليل وكانوا يقومون الليل كله حتى خفف اللّه عنهم.
وقيل: الضمير في (منه) و(عليه) راجعان إلى الأقل من النصف كأنه قال: قم أقل من نصفه، أو قم انقص من ذلك الأقل أو أزيد منه قليلا! وهو بعيد جدا.
والظاهر أن نصفه قليلا والضميران راجعان إلى النصف المبدل من (قليلا).
واختلف في الناسخ لهذا الأمر فقيل: هو قوله: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} [المزمل: 20] إلى آخر السورة، وقيل: هو قوله: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20]، وقيل: هو قوله: {أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى} [المزمل: 20]، وقيل: هو منسوخ بالصلوات الخمس. وبهذا قال مقاتل والشافعي وابن كيسان، وقيل: هو {فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ} [المزمل: 20] وذهب الحسن وابن سيرين إلى أن صلاة الليل فريضة على كل مسلم ولو قدر حلب شاة.
{وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)}: أي اقرأه على مهل مع تدبر.
قال الضحاك: اقرأه حرفا حرفا.
قال الزجاج: هو أن تبين جميع الحروف وتوفي حقوقها من الإشباع.
وأصل الترتيل: التنضيد والتنسيق وحسن النظام، وتأكيد الفعل بالمصدر، يدل على المبالغة على وجه لا يلتبس فيه بعض الحروف ببعض، ولا ينقص من النطق بالحرف من مخرجه المعلوم مع استيفاء حركته المعتبرة.

.تفسير الآية رقم (20):

الآية الرابعة:
{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)}.
{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ}: معنى أدنى: أقل، استعير له الأدنى لأن المسافة بين الشيئين إذا دنت قل ما بينهما.
{وَنِصْفَهُ}: معطوف على أدنى.
{وَثُلُثَهُ}: معطوف على نصفه. والمعنى أن اللّه يعلم أن رسوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقوم أقل من ثلثي الليل ويقوم نصفه ويقوم ثلثه.
وبالنصب قراءة ابن كثير والكوفيين.
وقرأ الجمهور: ونصفه وثلثه بالجر عطفا على ثلثي الليل. والمعنى أن اللّه يعلم أن رسوله يقوم أقل من ثلثي الليل وأقل من نصفه وأقل من ثلثه.
واختار قراءة الجمهور أبو عبيد وأبو حاتم لقوله: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ} فكيف يقومون نصفه وثلثه وهم لا يحصونه.
وقال الفرّاء: القراءة الأولى أشبه بالصواب لأنه قال: أقل من ثلثي الليل، ثم فسر نفس القلة.
العموم في حقه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وفي حق أمته، وليس في قوله: {فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ} ما يدل على بقاء شيء من الوجوب، لأنه إن كان المراد به القراءة من القرآن فقد وجدت في صلاة المغرب والعشاء وما يتبعهما من النوافل المؤكدة، وإن كان المراد به الصلاة من الليل فقد وجدت صلاة الليل بصلاة المغرب والعشاء وما يتبعهما من التطوع.
وأيضا الأحاديث الصحيحة المصرحة بقول السائل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «هل عليّ غيرها؟ يعني الصلوات الخمس فقال: لا! إلا أن تطوع»، تدل على عدم وجوب غيرها، فارتفع بهذا وجوب قيام الليل وصلاته عن الأمة، كما ارتفع وجوب ذلك على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بقوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79].

.سورة المدثر:

ست وخمسون آية.
وهي مكية بلا خلاف.

.تفسير الآيات (3- 5):

الآيات الأولى والثانية والثالثة:
{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)}.
{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)}: أي واختص سيدك ومالكك ومصلح أمورك بالتكبير، وهو وصفه سبحانه بالكبرياء والعظمة، وأنه أكبر من أن يكون له شريك- كما يعتقده الكفار-، وأعظم من أن تكون له صاحبة أو ولد.
قال ابن العربي: المراد به تكبير التقديس والتنزيه لخلع الأضداد والأنداد والأصنام، ولا يتّخذ وليا غيره ولا يعبد سواه ولا يرى لغيره فعلا إلّا له ولا نعمة إلا منه.
{وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (4)}: المراد بها الثياب الملبوسة على ما هو المعنى اللغوي، أمره اللّه سبحانه بتطهير ثيابه وحفظها عن النجاسات وإزالة ما وقع فيها منها.
وقيل: المراد بالثياب القلب.
وقال قتادة: النفس، وقيل: الجسم، وقيل: الأهل، وقيل: الدين.
قال الحسن والقرظي: الأخلاق، لأن خلق الإنسان مشتمل على أحواله اشتماله ثيابه على نفسه.
وقال مجاهد وابن زيد: أي عملك فأصلح.
وقال الزجاج: المعنى وثيابك فقصر لأن تقصير الثوب أبعد من النجاسات إذا انجر على الأرض. وبه قال طاووس. والأول أولى لأنه المعنى الحقيقي، وليس في استعمال الثياب مجازا عن غيرها لعلاقة مع قرينة ما يدل على أنه المراد عند الإطلاق، وليس في مثل هذا الأصل أعني الحمل على الحقيقة عند الإطلاق خلاف.
وفي الآية دليل على وجوب طهارة الثياب في الصلاة.
{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)}: الرجز: معناه في اللغة العذاب، وفيه لغتان كسر الراء وضمها، وسمي الشرك وعبادة الأوثان رجزا لأنهما سبب الرجز.
وقال مجاهد وعكرمة: الرجز الأوثان، كما في قوله: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ} [الحج: 30]، وبه قال ابن زيد.
وقال إبراهيم النخعي: المأثم.
والهجر: الترك.
وقال قتادة: الرجز: إساف ونائلة، وهما صنمان كانا عند البيت.
وقال أبو العالية والربيع والكسائي: الرجز بالضم الوثن، وبالكسر العذاب.
وقال السدي: الرجز بالضم الوعيد. والأول أولى.

.سورة أرأيت:

سبع آيات.
ويقال: سورة الماعون، وسورة اليتيم، وسورة الدّين.
وهي مكيّة في قول عطاء وجابر وأحد قولي ابن عباس. ومدنية في قول قتادة وآخرين.

.تفسير الآية رقم (7):

الآية الأولى:
{وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (7)}.
{وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (7)} قال أكثر المفسرين: هو اسم لما يتعاوزه الناس بينهم من الدلو، والفأس، والقدر، ولا يمنع عادة كالماء والملح.
وقيل: هو الزكاة، أي يمنعون زكاة أموالهم.
قال الزجاج وأبو عبيد والمبرد: الماعون في الجاهلية ما فيه منفعة من قليل أو كثير، وأنشدوا قول الأعشى:
بأجود منه بماعونه ** إذا ما سماؤهم لم تغم

وقالوا أيضا: هو في الإسلام الطاعة والزكاة، وأنشدوا قول الراعي:
أخليفة الرحمن إنا معشر ** حنفاء نسجد بكرة وأصيلا

عرب نرى للّه في أموالنا ** حقّ الزكاة منزّلا تنزيلا

قوم على الإسلام لمّا يمنعوا ** ماعونهم ويضيّعوا التهليلا

وقال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: الماعون الماء.
وقيل: هو الحق على العبد على العموم.
وقيل: هو المستغل من منافع الأموال، مأخوذ من المعن وهو القليل.
قال قطرب: أصل الماعون من قلة، والمعن الشيء القليل، فسمى اللّه الصدقة والزكاة ونحو ذلك من المعروف ماعونا لأنه قليل من كثير.

.سورة الكوثر:

هي ثلاث آيات.
وهي مكيّة، في قول ابن عباس والكلبي ومقاتل، ومدنية في قول الحسن وعكرمة ومجاهد وقتادة.

.تفسير الآية رقم (2):

الآية الأولى:
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)}.
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ} المراد الأمر له صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالدوام على إقامة الصلاة المفروضة.
{وَانْحَرْ (2)}: البدن التي هي خيار أموال العرب.
قال محمد بن كعب: إن ناسا كانوا يصلون لغير اللّه، فأمر اللّه سبحانه نبيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أن تكون صلاته ونحره له.
وقال قتادة وعطاء وعكرمة: المراد صلاة العيد ونحر الأضحية.
وقال سعيد بن جبير: صلّ لربك صلاة الصبح المفروضة بجمع، وانحر البدن في منى.
وقيل: وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة حذاء النحر، قاله محمد بن كعب.
وقيل: هو أن يرفع يديه في الصلاة عند التكبيرة إلى نحره، وقيل: هو أن يستقبل القبلة بنحره، قاله الفراء والكلبي وابن الأحوص.
قال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: نتناحر، أي نتقابل: نحر هذا إلى نحر هذا: أي قبالته.
وقال ابن الأعرابي: هو انتصاب الرجل في الصلاة بإزاء المحراب من قولهم: منازلهم تتناحر أي تتقابل.
وروي عن عطاء أنه قال: أمره أن يستوي بين السجدتين جالسا حتى يبدو نحره.
وقال سليمان التيمي: المعنى وارفع يديك بالدعاء إلى نحرك. وظاهر الآية الأمر له صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بمطلق الصلاة ومطلق النحر وأن يجعلهما للّه عز وجل لا لغيره، وما ورد في السنة من بيان هذا المطلق بنوع خاص فهو في حكم التقييد له.
وقد أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في سننه والحاكم وابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه السورة على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لجبريل: «ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي؟ فقال: إنها ليست بنحيرة ولكن يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت، وإذا رفعت رأسك من الركوع، فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين هم في السموات السبع، وإن لكل شيء زينة وإن زينة الصلاة رفع اليدين عند كل تكبيرة»، قال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «رفع اليدين من الاستكانة التي قال اللّه: {فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (76)} [المؤمنون: 76]». وهو من طريق مقاتل بن حيان عن الأصبغ عن بنانة عن علي.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: «إن اللّه أوحى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أن ارفع يديك حذاء نحرك إذا كبرت للصلاة فذاك النحر».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني في الأفراد، وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن علي بن أبي طالب في قوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} قال: «وضع يديه اليمنى على وسط ساعد اليسرى ثم وضعهما على صدره في الصلاة».
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في سننه عن أنس عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن شاهين في سننه وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} قال: وضع اليمنى على الشمال عند التحريم في الصلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} قال: «إذا صليت فرفعت رأسك قائما من الركوع فاستو قائما».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال: «الصلاة المكتوبة، والذبح يوم الأضحى».
وأخرج البيهقي في سننه عنه {وَانْحَرْ (2)} قال: يقول: واذبح يوم النحر.
إلى غير ذلك مما نقله المفسرون.
واللفظ وإن كان واسعا يحتمل الكل إلا أن المتعين هو ما ثبت بالأخبار والآثار كما هو المقرر عند الكبار والأخيار.
وباللّه التوفيق ومنه الوصول إلى التحقيق.